Page 86 - web
P. 86
أمخبقاارلات وآراء
رئيس المجلس الأعلى
حقوق الإنسان
بين المعايير الدولية ودور الإعلام في نشر وترسيخ
مفاهيم حقوق الإنسان في المجتمعات العربية
معايير حقوق الإنسان الدولية السيد /برهان عزيزي
مستشار محكمة التعقيب مكلف
تع ّد حقوق الإنسان مرتك ًزا أساس ًيا ينظم آليات التعامل الحضاري بمأمورية بديوان وزارة العدل -
الذي يجمع الحاكم بالمحكوم فهي عبارة عن مجموعة من المبادئ تونس
العالمية التي يؤ ّدي الالتزام بها إلى ضمان مجموعة من الحقوق
للأفراد التي لا يمكن المساس بها ،إذ إ ّنها تجعل من تلك المبادئ مرتكز 86
المواطنة ،وبالتالي تح ّدد مدى احترام الدولة لتعهداتها تجاه مواطنيها
وهي تكون استنادًا إلى ذلك في شكل مبادئ عامة قابلة للتطبيق في
كل الدول وفق ما أك ّده العالم الفيزيائي «فانق ليتشي « في مقال نشره
بمجلة جون أفريك الصادرة بتاريخ 8جانفي 1990والذي لجأ إلى السفارة
الأمريكية ببكين بعد مذبحة «ساحة تيانانمان» إذ أ ّكد أن «حقوق
الإنسان واحدة في كل مكان» معتبرًا أنها لا تخضع إلى المفاهيم التي
تبنى على التاريخ أو الأيديولوجيات أو الأديان.
وحقوق الإنسان على الرغم من أنها كمفهوم حديثة النشأة إلا أن أول
بذورها ضاربة في التاريخ؛ ذلك أن المؤرخين يرجعونها إلى فترة ما قبل
الميلاد ،ذلك أن هناك من اعتبر قانون الحاكم « أورنامو» السومري منذ
نحو 2050قبل الميلاد من أقدم القوانين التي أ ّسست لبعض مفاهيم
حقوق الإنسان في مجال العدالة والحرية من خلال منعه تسليم اليتيم
إلى الغني وإنشائه نظام ًا دقيق ًا لتثبيت المكاييل والموازين ثم تأتي بعد
ذلك شريعة «حمورابي» نحو 1780قبل الميلاد ،والتي تض ّمنت حقوق
المرأة ،وحقوق الرجل ،وحقوق الطفل وحقوق العبيد.
وتبقى مبادىء الحاکم «سایرس كورش» غير مسبوقة في مجال
حقوق الإنسان والتي وضعت في القرن السادس قبل الميلاد بعد
الفتوحات التي حققها الملك في الإمبراطورية البابلية الجديدة سنة 539
قبل الميلاد ،إذ أصدر أسطوانة «سایرس» ،التي اك ُتشفت للمرة الأولى
سنة 1879والتي سمح بمقتضاها لبعض اليهود بالعودة إلى موطنهم
بعد أسرهم كما أنها نصت على الحق في حرية العقيدة دون اضطهاد
أو إجبار.
وعموم ًا فإن هناك من المؤرخين من يرجعون مصطلح «حقوق
الإنسان» إلى المؤلف الروماني «ترتليان» الذي ولد في قرطاجنة سنة 160